Saturday, August 20, 2011

لو أنك رصاصة


جرب أن تنطلق كرصاصة إلى صدر خصمك، فقط أغمض عينيك، وتخيل ذلك، تخيل المرور بين الخيوط الدقيقة لملابسه، ممزقا إياها، ومحرقا أطرافها، ثم تخيل الملامسة الأولى لشعر الصدر الأسود الفتي، ساعتها ستزورك ذكرى الرائحة الزنخة لشعر حاجبك المحترق، فلا تتفاداها، انغمس بها، ادهن نفسك تماما برائحة الاحتراق.

أنت هناك على بعد لا يذكر من جلده، تشم العرق المتوتر، والشعر المحترق، في الثانية السابقة تماما لتذوق الطعم المعدني للدم، الصدأ الدموي ينساب إليك، فتستطعمه كإصبع الطفولة المدمم، تتردد ، تتخيل مخلوقات الأفلام الخرافية بنابين أبيضين، وخلود مزعوم، لو أن لك وجها لابتلعت الدم مغمضا عينيك، مفتعلا النشوة، فالعينان المغلقتان على تعبير النشوة غالبا ما تسبق التحول الخارق للطبيعة، وتحاول التشبه والاندماج.

تخترق الجلد، السرعة والسن المدبب للرصاصة لا يتركان احتمالا للمقاومة، لولا أنك الآن رصاصة معدنية لانتصبت مع دخول الجسد المستسلم للمفاجأة، أنت صنعت بابا في الجلد من العدم، ودخلت، أكلشيه اغتصاب مكرر لا زال يحتفظ بتأثيره عليك رغم بعده عن السرير، والغنج المعتاد.

أنت الآن بالداخل، مكان حار عامر بالحركة والضجيج، زاوية مختلفة تماما للنظر، تباطأت سرعتك في فعل الاختراق، فأصبحت لديك فسحة وقت ضيقة لترى زاوية من القلب تتوسط الرئتين تماما، تعلم أنها هدفك، فلولا أنك رصاصة لأخذت نفسا عميقا، وارتكزت على مشط قدميك للحظة، قبل أن تنطلق.

تدخل القلب، وتخرج، بنفس البساطة التي دخلت فيها كل ما سبق من القلوب وخرجت، وتترك علامة على العمود الفقري كطفل يحفر اسمه على الجدار، تخترق الجلد مرة أخرى دون لذة، وبسرعة أقل، تسافر قليلا خارج الجسد الثابت _لا يزال_ في وضع المفاجأة، وتتمنى لو أن لك القدرة على الالتفاف واللحاق بلحظة السقوط، تعزي نفسك بثقتك في الصورة الأخيرة لمشهد النهاية.

صدمة أخيرة بالجدار، وعلامة أخيرة، قبل السقوط على البلاط البارد، مدمما، على مسافة متر و40 سنتيمترا تماما من جسد يشبهك، في طريقه للأرض، ولولا أنك رصاصة لابتسمت.


Saturday, August 13, 2011

ما تنتجه الرغبة في الانعزال



باكتمال الوحدة بانت المشكلة على حقيقتها ..

ليس السؤال ما إذا كنت جيدا/سيئا، مقيما للصلاة/ تاركا لها، محبا للخير/مقترفا للشر، طيبا/ شريرا..

ففي نهاية الأمر ليس إلا (أنت) على حقيقتك الخالصة، بكامل ضررك المتعمد، والعرضي، والمعلوم، والمنسي، وكامل عصبيتك، وعدم القدرة على احتمال آخر، أي آخر.

باكتمال الوحدة انكشف عنك الانشغال باللقاءات، والخروج، والمناقشات، واليوم الذي تتشفى في قتل ساعاته بالتدريج وبدم بارد، (أنت) غائب تماما، بلا متعة تقريبا، إلا القليل مع كتاب أو حبيبة، الأولى تروح وتجئ، بحسب الكتاب، والقدرة على التركيز، والثانية تمسحها بكل ما فيك من عصبية، وطاقة من الغضب لا تعرف مصدرها تحديدا، فتدفن كل ما عداها.

كذلك أحصد بعض الفرحة من يوم عمل جميل، وهذا نادر جدا، يرافقه التعب والنوم، والعودة لنفس الشقة الكئيبة في الدور الأرضي، بانعزالها الكامل كقبر.

الأصدقاء لهم كل الاحترام، وانعدام الفائدة بين الجمل المكررة، والمزاح المكرر، والغياب الذي أتحمل مسؤوليته وحدي، منهم المهتمين والمتظاهرين بالاهتمام، والراغبين بإخلاص في راحتي، والمجاملين كذلك، وجميعهم لا يرى ما أراه  الآن واضحا تماما، (أنh)ناقص المتعة والفرحة والنوم.

ليست الحالة أكلشيها مبتذلا من نوعية "مبقيتش حاسس بحاجة"، وليست رغبة في إهانة من أظهر الاهتمام، وليست اعترافا بالذنب، وليست شيئا أستطيع تعريفه من الأساس، انا أعرف أنها بعيدة عن الأوصاف السابقة، ولا اعرف وصفا محددا لها.


إغلاق الهاتف، حساب الفيس بوك، وتجاهل الرد على أي وسيلة أخرى للتواصل، كلها أكلشيهات أعترف بها، لا أحبها، وأستسلم لها تماما.
 
بس .